نبذة تاريخية عن تطور تكييف الهواء
إن الانسان القديم الذي كان يرتدي جلد الحيوانات ، كان لا يتقن السيطرة على اتزان حرارة جسمه ، و أثر التغير في راحته و كان يبحث عن ملجأ يستظل به من أشعة الشمس الحارة أو إيجاد ملجأ في الكهوف يحتمي به من البرد أو الحرارة التي كانت تؤثر بفاعلية في تغيير بيئته التي يعيش فيها . و كان يعتقد أن اكتشاف النار أكبر تقدم مهم في ذلك الوقت ، حيث استعملها في طهي الطعام ، و في التدفئة.
و بمرور الزمن تعلم كيف يستعملها في الدفايات و المواقد و الافران و مراجل المياه الساخنة و البخار بعد أن كان يستعملها فقط في الخلاء.
و كان عبيد الطبقة الحاكمة في مصر يصنعون مراوح من سعف النخيل تشبه يد الانسان و يمروحون بها على حكامهم لإعطائهم شيئا من الراحة.
و فيما مضى قام الرومان و كذلك الهنود الحمر الذين كانوا يقطنون الجزء الشرقي من الولايات المتحدة بإمرار الادخنة الساخنة التي كانت تنبعث من افرانهم تحت أرضية و بين جدران منازلهم للحصول على التدفئة اللازمة خلال فصل الشتاء. و بعد ذلك عندما صنعت المراجل التجارية لتشغيل الآلات البخارية ابتدأ الانسان يستغل هذا البخار في عمليات التدفئة و ذلك بإمراره داخل مواسير.
في خلال أيام الصيف الحارة ، كان الهنود يقومون في أنحا مختلفة من بلاد الهند بتعليق ستائر مبللة بالماء البارد على فتحات نوافذ و ابواب حجرات منازلهم خصوصا الموجودة منها في اتجاه الريح و ذلك لتبريد الهواء الذي يدخل هذه الحجرات. و كانت هناك ابتكارات عديدة منها الكراسي الهزازة،......الخ.
لقد تقدمت طريقة التهوية و التسخين بسرعة خلال القرن التاسع عشر حيث اكتشفت المراوح و المراجل و المشععات ، و كانت المراوح الميكانيكية تستعمل لتحريك الهواء داخل مجاري للهواء و استعملت الافران لتسخين الهواء بواسطة الفحم ، ثم بدأ التطور العلمي يتقدم تدريجيا و بدأ التحول من استخدام الفحم إلى استخدام الزيت و الغاز.
و قد جهز البرلمان الانجليزي عام 1850 م بوسائل التهوية الميكانيكية ، و في نفس الوقت قاموا كذلك بتركيب مواسير يمر بها البخار الساخن و بخاخات يتساقط منها الماء المثلج و ذلك لتدفئة و تبريد الهواء الذي تقوم بدفعه المراوح لتهوية الفراغات. وفي عام 1900 م قامت شركة " إيستمان كوداك" الامريكية باستعمال أجهزة التبريد في تجفيف الهواء داخل مصانعها و ذلك لتحسين صناعة الافلام التي كانت تنتجها.
بداية التطور التقني
و في عام 1910 م قدم ويليس كاريير WILLIS CARRIER لجمعية المهندسين الميكانيكيين الامريكية بحثين عن أجهزة تكييف الهواء و عن المعادلات السيكرومترية ، و في الحقيقة إن هذين البحثين يعتبران البداية الحقيقية لعلم تكييف الهواء الذي نعرفه في وقتنا هذا.
و استخدم التبريد عام 1920 م في عمليات تكييف الهواء اولا في المسارح و بعد ذلك في بعض المباني العامة و المكاتب و المحلات التجارية . و منذ ذلك الوقت ابتدأ تكييف الهواء يسترعي انتباه الناس و انتشر استعماله أولا لراحة الانسان و ثانيا في النواحي الصناعية المختلفة. و في عام 1922 م اخترع كاريير أول آلة تبريد تعمل بالطرد المركزي ، ثم طور استعمال المنظومات التأثيرية Induction Systems في البنايات ذات المكاتب متعددة الغرف و الفنادق و الحجرات السكنية و المستشفيات ، و خلال الحرب العالمية الثانية قام بالإشراف على تصميم و تركيب و تشغيل منظومة للجنة الاستشارات العالمية للطيرانNACA في كليف لاند لتبريد 283127 متر مكعب من الهواء خلال نفق هوائي حتى درجة ( -19.45 C ).
بعد ذلك جاء التقدم الصناعي بأول مكيف هواء الحجرة الذاتي ، و لم يكن هذا الانجاز فقط المهم ، بل اصبحت الصناعة تحاول إنتاج ذلك بكميات كبيرة MASS PRODUCTION ، و اختبار المنتجات قبل بيعها و كان تطوير وسائط التبريد الآمنة SAFE REFRIGERANTS حدثا مهما ، حيث اكتشف توماس مدغلي Thomas Midgley من شركة ديو بونت في عام 1930 م ما يعرف الان بوسائط التبريد (فلور كربون فريون fluoro carbon feron ).
لقد عرف وسيط التبريد فريون 12 (R12) كوسيط تبريد سام ، و بمعرفة خواص تشغيله فتحت الصورة المستقبلية لتصميم الضاغط و أجزاء المنظومة. ثم تتالت سريعا معرفة عائلة وسائط الفريون و في عام 1955 م اتخذ نظام ترقيم جديد لوسائط التبريد و هو المتداول الان R-12 ، R-22 ، ......الخ.
و في حوالي عام 1935 م قدمت الصناعة اول ضاغط محكم القفل لخدمات تكييف الهواء ، و كان حجمه أكبر من حجم الضاغط الحديث المكافئ له في السعة. و كانت سرعة محركه 1750 لفة / دقيقة مقارنة بالشائع اليوم و التي تبلغ سرعته 3600 لفة / دقيقة.
بعد الحرب العالمية الثانية كان من أهم المنتجات استعمال المنظومات الالية للبنايات الكبيرة ، مكيفات المخازن ، و مكيفات الشباك. بعد ذلك أصبح التقدم التقني مدخلا لعام 1953 م حيث بدأت عملية التبريد بالهواء بدلا من الماء لإغراض التكثيف . و اصبحت التكنولوجيا الجديدة تسمح بزيادة ارتفاع الضغط في اجزاء المنظومة لكي تشتغل الآلات بأمان و بكفاءة مرضية حتى درجة ( 46 C ) لظروف المحيط الخارجي ، و بعد ذلك بدأ إنتاج منظومات التكييف المنفصلة Split Systems ، و المضخات الحراريةHeat Pumps ، و آخر منتج مخترع حدث خلال اواخر الخمسينات و اوائل الستينات و هو تركيب وحدة تسخين بالغاز و تبريد بالكهرباء في السقف ( the roof top combination gas – heating and electric – cooling unit ) و هذه الوحدات بدأت بسعات صغيرة اثنان ، ثلاثة ، و اربعة ، و خمسة اطنان للمنظومات المركبة على سقف الانشاءات التجارية ذات الارتفاع المنخفض ، ثم اصبحت المعدات أكثر تطورا و اسرع تغيرا في الحجم. و يبلغ مدى السعات اليوم لهذه الوحدات أكثر من 100 طن تبريد.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق